المانحون لا يثقون بالحكومة اليمنية





باهت وملل وبتمثيل دولي ضعيف جدا كان المؤتمر الذي أنعقد في الرياض لدراسة سبل تعزيز وتشجيع الدول المانحة للإيفاء بوعودها تجاه اليمن ودعمه ماديا بعد أن تبين للجميع أن المشكلة الأساسية التي أخرجت كل المشاكل الحالية هي حالة الفقر المستعصية التي تمر بها البلاد منذ سنين طويلة ، فاليمن معروف عنه أنه دولة لم تستطيع ولو لفترة بسيطة تحقيق الحد الأدنى من الرفاهية لمواطنيه سواء كانت هنالك حروب أم لم تكن سواء كان سعر النفط مرتفع أم منخفض يبقى دائما وأبدا المواطن اليمني في حالة ضيم وفقر شديد .

حضر المؤتمرون إلى الرياض وبيدهم شرط واحد فقط للإيفاء بما تعهدوا به سابقا وهو ضرورة تعزيز سبل مكافحة الفساد حتى يضمنوا بأن الأموال التي ستدفق لن تذهب إلى جهات أخرى ، فكان الرد الطبيعي من اليمن بأنه لا مجال لمناقشة مثل هذه الأمور بحجة أنها أمورا سيادية ، وقد يدهش البعض من هذا الرد في وقت قد يلاحظ أنه هنالك تنازل عن سيادة البلاد تجاه الطائرات والقاذفات الأمريكية التي قامت سابقا بقصف قرى ومساكن مدنيين بحجة مطاردة القاعدة ، إن هذا التناقض الصاخب بفجاجته يدل على أن السيادة التي يتم التحدث عنها ما هي إلا التابو المحاط بكرسي الحكم والمقربين منه ، لأن محاربة الفساد حتما سيطال النظام الحاكم و الغارق فيه حتى أذنيه بينما قتل المدنيين وانتهاك سيادة وحدود البلاد من قِبل أطراف خارجية يأتي في أطر أخرى ويسقط في مفاهيم مختلفة لدى الذهنية الحاكمة بل ربما قد يراها البعض أنها تعزيز لسلطته ونفوذه في الحكم .

لا توجد مشكلة تؤرق المؤتمر الشعبي العام إلا مشكلة التحدث عن محاربة الفساد ، رغم أن معظم مشاكل اليمن وحلولها تكمن في هذه النقطة تحديدا ، الهدر الغير معقول للمال العام والتصرف فيه كأن إرث عائلي وتوزيعه حسب الولاءات وحرمان مناطق أخرى منها كنوع من أنواع العقوبة سبب وسيسبب مشاكل عصية ، كما أن رائحة الفساد التي تفوح من جيوب الكثير من المسئولين هي بحد ذاتها ميزانية تستطيع أن تفعل الكثير لو تم وضع تلك الأموال في أماكنها الصحيحة ، أقول أن هذا الهدر الغير مقنن وعدم وجود جهاز محاسبة فعال جعل سمعة اليمن ورئيسها تحديدا يتمتعون باسوء سمعة يمكن لدولة أو لرئيس دولة أن ينالها ، كما أنه أس البلاد ومركز خروج كل الكوارث .

الغريب في الأمر هو حالة ألامبالاة التي تظهر على ملامح الرئيس حين يتم التحدث عن الفساد أو عندما تتحدث القوى المدنية في الداخل أو الجهات الدولية في الخارج عن هذا الموضوع بل أنه لا يبذل أي جهد ولو كان بسيطا لمحاولة تغير هذه النظرة السلبية ، لدرجة أن المؤتمر الذي أنعقد في الرياض لم يذهب إليه تمثيل يمني عالي ، وعلى ما يبدوا أن التعويل على الأموال السعودية التي تدخل اليمن دون أن يسال أحد عن مصيرها قد أشبعت نهم النظام وكفته ولو مؤقتا عدم الرضوخ لاشتراطات الدول المانحة .

الهدنة الحالية بين النظام والحوثيين لا يعني إطلاقا انتهاء هذه المشكلة ، لأن أسباب ظهورها لم تطرح للمناقشة أو العلاج و أن ما حدث يمكن وصفة بحالة دفن الرأس بالرمال والإدعاء بأن الأمور على خير ما يرام ، كما أنه لم تظهر أية بوادر إيجابية قدمها الرئيس تجاه مواطنيه كمحاولة لتخفيف العبء عن كاهلهم أو التقدم بورقة جادة تجاه القوى السياسية للتقارب معها وفتح باب الحوار ، ناهيك أن مشكلة الجنوب يتم تجاهلها بشكل ملفت للنظر ولا نرى سوى خطابات نارية لا تساهم إلا في إشعال فتيل الأزمة بينما يتم قمع حراك المناطق الوسطى بالقوة العسكرية ، في وقت يمكن أن يكون لهذا الحراك وأعنى حراك المناطق الوسطى هو الرابط الحقيقي للوحدة اليمنية وسيسحب البساط من تحت أقدام دعاة الانفصال ، لكن وعلى ما يبدوا أن للرئيس ولمن حوله حسابات كارثية أخرى لم تظهر على العلن حتى الآن ، كل الأمور في حالة جمود شديدة وبرغبة واضحة من الحكومة وأنه فعلا لا نية لعمل أي شيء إيجابي حتى وان دخلت الدولة مرحلة الانهيار الشامل !

كمواطن يمني لم أعد أبالي كثير بقيمة الأموال التي ستدفع لليمن ، ولا اهتم بتفاصيل تلك المؤتمرات التي تبدوا للجميع أنها حالة تسول أدمن عليها المسئولين الذين وفي نفس الوقت يتعاملون بتعالي شديد مع احتياجات وهموم المواطن اليمني البسيط ، هذا المواطن الذي يمتلك كرامة أكثر بكثير مما هم يمتلكونها ، وكمواطن يمني أرى أن تلتزم الدول المانحة بالضغط على هذا النظام الذي أرهق الوطن كثير وتجبره على التقيد بصرف الأموال الي الأهداف التي حددت لها حتى لا تذهب أموال دافعي الضرائب لديهم سدا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزنداني، إنه كاهن الخراب

تساؤلات

خرافات جنسية