سياسية نرويجية تكتب عن اكبر حركة سلمية في العالم
لا أستطيع التحرر من الصور التي أسرتني :الشوارع العريضة امتلأت جنباتها إلى أسوار المدينة في ازدحام منقطع النظير وسواعد تحمل رايات ذات النجمة الحمراء إنها رايات جنوب اليمن تداعب الريح وسط مليونية من المتظاهرين المسالمين.
صورة أخرى وصلتني من صديق يمني تبين مجموعه صغيرة من الرجال يتظاهرون جلوساً في وسط الطريق يسدونه، أمامهم دبابات ضخمة كالتي تستعمل بصفة متكررة أمام هذا النوع من المظاهرات السلمية ضد نظام متوحش .
في الخامس من مايو1994 توغلت الآلة العسكرية لشمال اليمن في جنوبه وفي غضون ثلاثة أشهر استولت على منطقه تفوق مساحة المنطقة التي كانت تحت سيطرتها بالشمال.
بعد تداعي(تهاوي) النظام السوفيتي نشأة وحدة بين جنوب اليمن الذي كان لا يزال نظاماً اشتراكياً علمانياً وشماله الذي كان يسيطر عليه مجموعه من القادة العسكريين.
سرح رئيس الشمال علي عبدالله صالح جميع موظفي الجيش والشرطة في الجنوب (حوالي 82000 اثنان وثمانون ألف موظف )، وسرعان ماتبع ذلك برفض أو تسريح موظفي القطاع العام الذي وصل في مجموعه إلى 556000 موظف (مجموع الطبقة اليد العاملة.
في البلد سنه 1994 كان 680000 موظف ) ما معناه : قسم كبير جداً من موظفي القطاع العام فقد مصدر رزقه وتحمل ما ينتج عن ذلك من مضاعفات على الحياة العامة للناس.
تم بعد دلك دخول العمال الموالون للنظام في الشمال من أجل الاستيلاء على الأشغال والوظائف في الجنوب ولجلبهم تم توزيع عقارات وإعطاء أطفالهم منحاً دراسية للولوج إلى الجامعات كما تم كذلك توزيع أراضي وممتلكات قيمة على شكل " غنائم حرب " لقادة الجيش ولبعض الناس العاديين " كمكافآت " على الخدمات التي قدموها خلال الغزو لجنوب اليمن .
كيف كانت ردة فعل شعب استعمر وسلبت منه أماكن شغله وكل مقومات الحياة الكريمة ؟ أجل، الربيع العربي كان قد بدأ بشكل ما وبالفعل في جنوب اليمن سنة 2007 ، أولئك الذين كانوا قد سلبوا أعمالهم وحياتهم الكريمة صاروا في نهاية الأمر إلى الفقر ،وقاموا بتنظيم أنفسهم من خلال جمعيات ومجموعات منظمة بدأت في أول الأمر بالتظاهر جلوساً في الشوارع .هده الاعتصامات لم تعرف ولم يسمع لها خارج حدود البلد .
لم يكن هناك قنوات إعلامية مستقلة لحمل هذه الرسالة إلى بقية العالم ،والجزيرة (قناة يملكها أمير قطر المستبد) والعربية ( قناة مملوكة من طرف العائلة المالكة في السعودية) لم يبديا إلى الناس هذا أي اهتمام حول ما يدور في جنوب اليمن ، لأسباب جيوسياسية كانت قطر والسعودية دائماً متضامنة مع القادة والمتعصبون في الشمال الصور التي وصلتني عبر الفيسبوك والبريد الإلكتروني من أصدقاء جنوبيين يمنيين لم أعثر عليهم في أية جريدة في العالم رغم كل ما قيل أن أكثر من ثلاثة أرباع السكان خرجوا إلى الشوارع عدة مرات وفي مناسبات كثيرة . إنها معركة شعب مسالم ضد استعمار نسيه العالم.
أحمد الدياني :أحد المدافعين عن حقوق الإنسان وصحفي مقيم في أحد مراكز استقبال اللاجئين هنا في النرويج ،يحكي ويعرض الصور، وما يحكيه لي كان يجب أن أسمعه وأقرأه في الإعلام النرويجي قبل الآن .
اليمن كان سنة 2011 أحد بلدان الربيع العربي يقول أحمد الدياني :ساحة التغيير في العاصمة صنعاء كانت مطالبهم ديمقرطة البلد وتنحي الرئيس المستبد علي عبد الله صالح اجبر الرئيس على التنحي لكنه لا يزال عنده تأثير على المجموعة التي ورثته برئاسة نائبه خلال حكمه عبدربه منصور، عائلة صالح تسيطر على الجيش وجهاز الأمن . الحقوق الديمقراطية التي ناضل الشعب من أجلها لم يوف بها بعد والمعارضة على العكس أصبحت عرضة الضغط السياسي ومصنفة في خانة واحدة مع القاعدة التي ضاعفت سيطرتها على البلد في السنين الأخيرة .هدا الضغط السياسي من الحكومة الحالية في الشمال .
" حركة الجنوب" ومايقومون به من مقاومة ضد ما يرونه إلحاق أو ضم جنوب اليمن سنة 1994 هناك حوالي 200 ألف نازح داخل البلاد (ويتعجب المرء من أن قسم مراقبة الهجرة في النرويج لا يرى أن هناك حاجة ماسة لاستقبال النازحين (الهاربين)من الشعب اليمني بعد تنحي علي عبدالله صالح من الرئاسة في فبراير؟ ).
تحارب الحكومة الحالية القاعدة بمساعدة (طائرات بدون طيار أمريكية ) والولايات المتحدة تساند الرئيس هادي ووعدته بما قيمته 300 مليون دولار مساعدات أمنية لنظامه .اليمن بلد منتج للنفط وإن له موقع استراتيجي بالنظر إلى مراقبة (شريانات طرق النقل في الخليج والبحر الأحمر إضافة إلى ذلك أن اليمن أمد البلدان مهمة ا لإنتاج بالنفط والذي يتوفر في الجنوب على 75% من مخزوناته ، والوقوف مع متطلبات الشعب العادلة ضد الحكومة سيكون مجازفة من أمريكا وحلفائها وتقوضاً للعلاقات التي بنيت حتى الآن مع الرئيس الحالي لكن وقوف السلطات النرويجية الواضح اليوم مع أصدقائها في الحلف الأطلسي من غير التحقق بنفسها مما يجري في اليمن يعتبر كسلاً في أحسن الحالات وفي أسوأ الحالات خيانة .
احمد الدياني قال لي أيضاً عن تاريخ البلد الذي لا يزال يحبه كثيراً ،جنوب اليمن بلد ضارب في القدم وقد كان قد عبر عدة قرون بلد (دولة) مستقل من وقت استعمار بريطانيا للسلطنة العربية سنة 1839والتي كانت عدن عاصمتها إلى الاستقلال في 30 نوفمبر 1967ثم إقامة الجمهورية الشعبية لجنوب اليمن .
تأثرت هذه الأخرى بالحركات العلمانية والحركات الوطنية العربية خلال مقاومتها للتحرر من الاستعمار .كانت البداية بتأميم رأس المال الخاص وتشكلت تدريجياً ملامح الدستور وسميت الدولة ،الجمهورية العربية اليمنية بتاريخ 26 / 09/1962 .
في مايو 1990 تم الاتفاق على توحيد شمال وجنوب اليمن تحت مسمى (الجمهورية العربية اليمنية)قامت الاختلافات بشكل سريع حول كيفية وطرق التوحيد بين البلدين وأصبح جلياً أن النظام في صنعاء بزعامة علي صالح يريد الاستحواذ على السلطة وفي أواخر أبريل أعلن نظام صنعاء الحرب التي انتهت بانهزام الجنوب في 07/07/1994هذا التاريخ أصبح فيملا بعد رمزاً للمعارضة ضد الممارسات القمعية من طرف الشمال على الجنوب سنة 2007 كان الحراك الديمقراطي في اليمن قد بدأ وبرزت حركة الجنوب كحركة منظمة وناطقين رسميين ومطالب، طالبت حركة الجنوب بإلغاء العمل المشترك مع الشمال حيث يرون أن هذا الآخر قام بخرق صارخ لمعاهدة 1990 وقرارات الأمم المتحدة رقم 924 و 931 لسنة 1991 التي تنص على العمل المشترك بين البلدين يرتكز على حق تقرير المصير.
الديانة
يتميز شمال اليمن بتاْويل جد صارم للإسلام السني وسيطرة المدارس القراّنية القوية والجامعات الدينية.
قبل الاستعمار كان الجنوب دولة علمانية تتوفر على دستور يعترف بمساواة الرجل بالمرأة قانون العائلة لسنة 1974 أعطى المراْة حقوقها الكاملة بما في ذلك منع تعدد الزوجات وعدم إجبار الفتاة على الزواج كما تقرر السن الاْدنى للزواج 18 سنة للذ كور و16سنة للإناث أما في شمال اليمن فقد كان القانون يعتمد على خليط من الإسلام وتقاليد القبائل من تزويج الأطفال ( بالنسبة للبنات خاصة) شيئاً عادياً لم يكن هناك حق للمراْة في التصويت أو المشاركة في الحكومة ولا تولي مناصب مهمة في الدولة الشيء الذى نجد نظيرة في العربية السعودية، خفت حدة هذه القوانين عند توحد البلدين مع بقاء سيطرة القبائل في الشمال على القرارات داخل مناطقهم هذه القرارات التي تتوافق مع التاْويلات الصارمة للشريعة يداً بيد مع الثقافة القبلية القديمة تأسست فيى هذه الآونة الاْخيرة عدة مدارس قرآنية ومعاهد دينية في الجنوب بتمويل من أئمة في الشمال ونلاحظ اليوم الكثير من النساء والمنقبات والمحجبات في شوارع المدن الجنوبية الشيء الذي كان غريباً حتى أمد قريب في دولة علمانية مستقلة .
" مستقبل الحراك في الجنوب "
كما أرى وانطلاقاً من المعلومات التي تصلني من أحمد الدياني والصور العديدة وما يدور من أحداث هناك وما يبعث بها أصدقائي الجنوبيون من صور وتقارير فإني أرى خطراً داهماً على هذه الحركة السلمية مستقبلاً .
السيد احمد الدياني يقول :لقد بدأ صبر الشباب ينفذ يريدون التمتع بحياتهم ممنوعون من الدراسة لا يحصلون عملاً من أجل الرزق والشرطة والجيش يهددونهم وعائلاتهم ماذا سيفعلون ؟ أنا خائف أن ينفذ صبرهم . لكن أتمنى أن لا يحدث ذلك إن شاء الله . ذلك بالضبط ما يريده النظام في الشمال لاستعماله ضدنا ،يقولون أن القاعدة عندنا وبيننا وأننا نستعمل السلاح ولكن على عكس ذلك سنكون مسالمين وسنثبت لهم ونريهم أننا قادرون على النهوض وربح المعركة من أجل الحرية بطريقة سلمية .
* ميريل ليراند نائبة رئيس حزب الحمر اليساري في النرويج وأحد أبرز المدافعين عن قضية شعب جنوب اليمن
* ترجمة أبو آدم المغربي
* نشرت في عدة صحف نروجية
اقرأ المزيد من عدن الغد | سياسية نرويجية تكتب عن : أكبر حركة سلمية في العالم http://adenalghad.net/news/47205/#ixzz2QykRz3MN
تعليقات
إرسال تعليق
بإمكانك كتابة ما تشاء، لك مطلق الحرية ، فقط حاول ان تعبر بطريقة جميلة .