اسلمة الجدار الفولاذي مع غزة .

اجتمع دار الإفتاء في مصر ، وبسرعة تثير الإعجاب تم إصدار فتوى بأن الجدار الفولاذي الذي تقيمه المؤسسة الحاكمة في البلاد هو جدار إسلامي ويتناسب مع كل الاشتراطات الشرعية التي يجب توافرها في إقامة إي جدار فولاذي آخر في العالم ، وأنه ونفس الشيخ الذي أنغمس في المهاترات السخيفة الناتجة عن هزيمة مصر أمام الجزائر في كرة القدم تحدث عن أن فتوى القرضاوي التي سبق و أن حرمت إقامة هذا الجدار غير صحيحة ويجب إعادة النظر فيها.

وأمام فتوى وفتوى مضادة ، لا بد أن يقف الإنسان عاجزا ، هل ينظر إلى هذا الجدار بأنه مسلم وأن محبته واجبة من باب الولاء والبراء ، أم أن هذا الجدار كافر ويجب معاداته ومناهضته ، وخاصة أن مسلمي هذا الزمن يطرحون اسأله أكثر سخفا على رجال الدين وصارت الفتاوى هي مقبس الطاقة التي تضع لهم خريطة نهارهم .

الفتوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية قالت بأن غزة تقوم بتهريب المخدرات إلى مصر عبر الأنفاق وأن هذا يضر بأمن البلاد لذا فأن إقامة هذا الجدار هو ضرورة لأمن مصر وسلامة مصر من المخدرات ، وتجاهلت هذه الفتوى أمورا كثيرة وتناست كل الأحداث التي تدور في المنطقة وقفزت بشكل هزلي على التاريخ وعلى القيم الإنسانية لترى فقط من زاوية ما اجبر النظام المصري بعض المؤلفة قلوبهم على الرؤيا منها ، وعليه وأن صدقت دعاويهم إلا يجب تحويط مصر كلها بجدران فولاذية لأنني فعلا اجزم بأنه هنالك مهربين سودانيين وليبيين ، كما أني اشعر و بشكل شبه مؤكد بأن البحر الأحمر والمتوسط مكان مناسب لإدخال المخدرات إلى مصر ، فلماذا تترك المحروسة من كل الجهات ويصير فقط أمنها القومي محدد بعشرة كيلوا مترات مع غزة في فلسطين لتغلق الحلقة الأخيرة من منفذ تتنفس فيه بعد حصار ظالم على مليون ونصف عربي هناك .

يكذب من يقول بأن تصرفات مصر غير مفهومة تجاه الكثير من القضايا العربية تحديدا ، ويصير أكثر وعيا من يصف سياسة مصر بأنها منحازة ضد العرب وتعمل ضمن أجندة وسياق خارجي واضح المعالم سواء في العراق سابقا وفي لبنان وأخيرا تجاه جزء من شعب فلسطين ، لكن حتى يتم أخذ أسباب هذه التصرفات مأخذا بعيدا ، عليها أن تقوم بمحاولة بائسة تلو محاولة أكثر بؤسا لخلط الأوراق في المنطقة ، فتصير مباراة كرة قدم أهم بملايين المرات من خنق شعب بأكمله ويصبح العمل على توريث الحكم من أب إلى أبن هو الشغل الشاغل لمؤسسة متهالكة فتجد لها زعيقا يميل إلى النشاز تجاه كل من يحاول أن يطرح نفسه منافسا للولد المدلل الذي يجب أن يجلس على الكرسي بأية وسيلة كانت حتى وأن كانت هذه الوسيلة عرض كل شيء وبلا ثمن لإرضاء الجهات الدولية وإفهامها بأنهم هم وحدهم من يستطيعون أن يقدموا هذه الأشياء وأن مصلحتهم تكمن معهم وحدهم ، فمن الصعب جدا أن تجد لهم مثيل بين أبناء الشعب المصري العريق .

لا شك هي طريقة رائعة ، فالنظام أو المؤسسات الحاكمة في واشنطن أو تل أبيب لن تقبل بأية مفاجآت جديدة في مصر ولن تسمح إطلاقا للصدف بأن تلعب لعبتها مرة أخرى في هذا البلد الذي أزيح عن موقعه العروبي والدولي فهنالك دواما ألف ألف جمال عبد الناصر يتنفس غضبا لما وصل إليه حال المصري والدولة المصرية على مختلف الأصعدة ،والغرب لم يعد يحتمل تكرار مثل تلك الأحداث التي حدثت في ستينات القرن الماضي وخاصة أن الشعوب العربية الآن باتت أكثر احتقانا وأكثر رغبا في إيجاد زعيم أو قائد يلبي أقل متطلباتها الاقتصادية ويعبر عن تطلعاتها الثقافية والسياسية ، والدوائر الغربية تدرك هذا الشيء كما أنها تدرك أن ورقة الرئيس المصري أحرقت منذ فترة طويلة وإنها تعمل فقط لأن إمداد الأجهزة الطبية مازال موصولا في غرفة الإنعاش وأيضا تعمل لأنها وحتى ألان لم تتأكد من الخليفة له ومدى التزامه ومقدرته على ضبط الأمور مثلما فعل حسني مبارك ن فهنالك شكوك لا يمكن تجاهلها تجاه الوريث المفترض ومدى مقدرته على السير في نفس خطى والده في ظل رفض شعبي عارم بدت تتشكل ملامحه منذ فترة طويلة .

النظام السياسي في مصر انتهى أخلاقيا ولم تعد له أية علاقة بالقضايا العربية ، وصار كل وظيفته هي الترويج للمشروع الغربي على حساب قضايا الأمة والتي يعتقد من خلالها أن ديمومة حكمه مرتبطة بالأساس بمثل هذه العمالة الرخيصة بينما كل الوقائع والأدلة تقول أن بقاء الأنظمة قائم على العلاقة العادلة بينه وبين محكوميه وولائه لهمومهم وقضاياهم وتقديم مصلحتهم على باقي الأمور ، لأن هذه هي وظيفة كل نظام حاكم في العالم ولا شيء آخر غيرها .

benziyazan@hotmail.com

تعليقات

  1. هذه الايدولوجيه المتفق عليها حاليا ولا شيء اخر...

    ردحذف

إرسال تعليق

بإمكانك كتابة ما تشاء، لك مطلق الحرية ، فقط حاول ان تعبر بطريقة جميلة .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علمانيون من اجل الجنوب

مفاتيح سيكولوجية الفرد الشمالي بيد علي عبدالله صالح

خرافات جنسية