في يوم المرأة ، مذيعاتنا ما لهن وما عليهن .




يصادف يوم الثامن من مارس في كل عام عيد المرأة العالمي ، وهو يوم خصص لنساء العالم كي يتم تجديد الذاكرة حيال حقوق المرأة وإعادة تنشيط مفاهيم تسعى للرفع من مستواها إلى مستوى الرجل من الناحية الثقافية والاقتصادية والحقوقية ، وهذا اليوم وأن كان يوما يلقي اهتماما في كثير من دول العالم ، إلا أنه وفي منطقتنا العربية وفي اليمن تحديدا يحمل إشكاليات كثيرة وتناقضات مزعجة ، بل هو رمز للصراع بين تيارات فكرية متحاربة رأت في المرأة بؤرة صراع ومرحلة انتقالية كل يريد أن يجيرها لصالحه ، ولعل أهمها والتي أنشغل بها الشارع اليمني مؤخرا هي الحرب الفكرية الضروس تجاه سن قانون لتحديد زواج الصغيرات من عدمه ، ورغم أهمية هذا الموضوع وإنسانيته ، فأنا هنا ومن منطلق احتفالي بهذا اليوم سأتحدث عن نقطة أخرى تمس المرأة اليمنية وتعكس صورة مباشرة عنها أمام العالم ، ألا وهي حال مذيعاتنا اللواتي يظهرن على القنوات اليمنية الفضائية ، والصورة التي يجب أن يكن بها وعن حقوقهن المعنوية والمعادية التي يجب أن يحصلن عليها ، فالمذيعة اليمنية حين تظهر على التلفاز فهي لا تمثل نفسها إطلاقا ولا تعبر عن صفاتها هي فقط ، بل و هي على قناة إعلامية وطنية يجب عليها أن تستحضر الصورة الكاملة للمرأة اليمنية وأن تحاول وتسعى جاهدة لتمثليها بأفضل وأجمل صورة ممكنة .
قبل فترة وجيزة وبينما كنت أتنقل بين القنوات العربية ، قررت أن أعمل مقارنة بين المذيعات اليمنيات والمذيعات السعوديات ، وذلك بسبب واحد وهو أن المذيعات في تلك الدولتين مجبرات على ارتداء الحجاب فوق رؤوسهن وحاولت أن أرى الفارق بينهن من الناحية الاحترافية في طرح المواضيع والنطق السليم في قراءة التقارير ومدى المقدرة الفعلية في إدارة الحوارات وطرح الأسئلة ، إلا أني وفي لحظة يقظة قوية توصلت إلى أن هذه المقارنة ظالمة ولا يجب أن تكون ، وان مقارنة الإعلام اليمني بالسعودي هي مقارنة لا يجب أن تستوي خاصة إذ علمنا انه ربما ميزانية برنامج واحد في القناة السعودية ربما تساوي ميزانية شهور كاملة لقناة يمنية بل أن الرواتب التي يحصلن عليها المذيعات السعوديات تفوق أضعاف كثيرة نظيراتهن اليمنيات ، مما يعني أن المذيعة السعودية ورغم حجابها تستطيع أن تظهر بالصورة اللائقة والجميلة من حيث اللبس والصورة وتستطيع أن تمثل مواطناتها السعوديات بصورة لائقة وجميلة .
لكن من قال أن المال وحده هو من يظهر الجمال والأناقة ، وهذا الموضوع كان محور نقاش حاد بيني وبين أحد الأصدقاء العرب بعد أن شاركني مشاهدة قناة يمنية " شبابية " جديدة معلقا بجملة واحدة فقط ( ألا يمكن للمذيعة لديكم أن تظهر بشكل أفضل ) ورغم جرح هذه الجملة ورغم محاولتي البائسة بأن اشرح له بأن اليمنيات هن الأجمل على الإطلاق إلا أنه كان من الصعب في تلك اللحظة أن أقنعه بخلاف ما قاله ، ولكن بعد خلوة بيني وبين نفسي بدأت أبحث عن الأسباب الحقيقية لقول تلك الجملة وعن مدى مصداقيتها ، وقد لاحظت فعلا بأن بعض مذيعاتنا كأنهن يتعمدن الظهور بتلك الصورة الغير مبالية والارتجالية على الشاشات الفضائية لأسباب خاصة بهن ، فهنالك إهمال واضح للصورة الجمالية وعدم اهتمام بنوعية الملابس التي يرتدونها لأنه لا توجد مذيعة في العالم العربي تظهر على القناة بعباءتها السوداء إلا في القنوات اليمنية وكأننا في حالة حداد مستديمة ، كما أني الحظ فعلا بأن البعض من المذيعات لديهن إشكالية واضحة في نطق بعض الحروف بالشكل السليم ، رغم أن هذه الأمور لا تستحق الكثير من صرف الأموال أو الجهد التعليمي الشاق ، فالجمال والمظهر الجمالي والأناقة البسيطة هي كلها لا تحتاج إلى أكثر من لمسة أنثوية سهلة وهذا مالا أجده للأسف الشديد ، وهذا ما قد يعكس صورة غير صحيحة عن المرأة اليمنية ومدى معاصرتها .
لكن ومن جهة أخرى ليس من المنصف بأن نضع اللوم وكل اللوم على مذيعاتنا وهن موظفات مثلهن مثل أي موظف آخر في أجهزة الدولة المختلفة والتي تعاني من الفساد والإهمال والترهل الإداري والمالي ، فشكاوى المذيعات أن فتح لهن باب لن تنتهي ، وهنالك بدلات كثيرة تم إلغائها ومن ثم إعادتها بربع القيمة مثل ( بدل المظهر ) والذي يعتبر أهم بدل تحتاجه المذيعة ولعل خروجهن بالشكل الحالي القصد منه إحراج القائمين عليهن ، في وقت هن يحرجن شعب بأكمله يحاول قدر المستطاع مسح بعض الصور السلبية الملتصقة فيه .
وهنا أجدها فرصة وفي يوم المرأة العالمي النظر في أمر المذيعات اليمنيات والعربيات العاملات في الإعلام الرسمي اليمني وإيفائهن كافة حقوقهن المادية والمعنوية وأيضا أتمنى من بعض مذيعاتنا أن يضعن في اعتبارهن الصورة التي ستعكسها على وطن بأكمله حين تظهر على الشاشة ، وأن التأنق ليست أداة لجلب المصالح الشخصية بل هي لغة صامته تستطيع أن توصل الكثير من الرسائل وتتجاوز ببلاغتها نطق العديد من البرامج الموجهة والمباشرة .
كما أتمنى إعادة النظر في قانون إلزام المذيعة بالحجاب ، فهذا يعتبر نوع من أنواع القهر الذي لا يقل ضراوة عن إلزامهن بالظهور بدون حجاب .


تعليقات

إرسال تعليق

بإمكانك كتابة ما تشاء، لك مطلق الحرية ، فقط حاول ان تعبر بطريقة جميلة .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزنداني، إنه كاهن الخراب

تساؤلات

خرافات جنسية