بعد ان كان فارسيا هل يعود العراق عربيً


ربما الكثيرون مازالوا يتذكروا بداية سقوط العراق تحت الاحتلال الأمريكي حين خرج ممثلي الأحزاب الدينية القادمون مع الاحتلال بموجة غاشمة ضد كل ما هو عربي ، وشخصيا مازالت أتذكر الجعفري والجلبي وموفق الربيعي يطلون علينا من كل قناة فضائية ممكن أن تشاهدها ليصفوا العرب بكل ما هو سلبي ثم نشاهد اللوحات الكتابية التي ترفعها تلك الأحزاب في مظاهراتهم وهي تُحمْل العرب كل ما حدث للعراق ، وبين عشية احتلال وضحاها صار العراق شعبا بلا جذور ولا هوية وبات يحمل حقدا طائفيا وتاريخيا على أمته وحاضنته وأصله ، وتوجت تلك الحملة الشعوبية التي لا تضاهيها أية حملة في التاريخ بكتابة دستور يؤكد على أن العراق ليس عربي وإنما الشعب الذي ينطق بالعربية فيه هو من ينتمي إلى الأمة العربية ، وكأن هذا الشعب المشار إليه يمثل أقلية لا ما نسبته 80% من مجموعة الشعب العراقي كله .

جاءت الانتخابات الأولى لتقف على ما تم التأسيس عليه ، وهي عزل العراق عن حاضنته الأم ورسمه بصورة طائفية مذهبية ، وحَكم العراق رجل معروف عنه كراهيته لكل عربي ، بل أن المالكي لا يخفي هذه الكراهية كلما سحنت له الفرصة للتعبير عنها ، وصار بكل خطاب أو مقابلة صحفية يعلق كل مشاكل العراق على العرب وعلى الدول العربية المجاورة ، بل أنه يستبق دوما الأحداث ليوزع التهم مباشرة دون أي تحفظ أو حرج بصفته الرجل الأول والحاكم الفعلي في الدولة ، كما لازم فترته هيمنة واسعة للإيرانيين داخل العراق وتسربوا في كل الأجهزة الحكومية والأمنية ناهيك عن تشكيل ميليشيات متطرفة بإمكانها عمل أي شيء ضد العراق وضد الشعب العراقي ،ولعل الفضيحة التي فجرها رئيس الاستخبارات المستقيل على قناة الشرقية العراقية بأن من يقف خلف تفجيرات الأربعاء الدامي هي الاستخبارات الإيرانية وكيف أنه قدم التقارير اللازمة إلى حكومة المالكي تحذر من أنه هنالك أيادي إيرانية على وشك تنفيذ عمل إرهابي كبير في العراق وأن الحكومة تجاهلته وألقت باللوم فورا تجاه سوريا وتم عمل حملة إعلامية كبيرة وضخمة ضد دمشق والتهديد بالرفع إلى المحكمة الدولية ، و رغم كل ما تقوم به إيران في العراق نجد أن المالكي ورجاله لا يهتمون بذلك بل أنهم وفي كثير من الأحيان ينصبوا أنفسهم مدافعين تارة ومبررين لهذه التصرفات تارة أخرى وجاء هذا الانصياع للفرس واضحا وجليا بعد أن قامت إيران باحتلال بئر الفكه داخل الحدود العراقية ، وكان المالكي وحكومته أكثر ودا وتلطفا وتسامحا ودبلوماسية تجاه الإيرانيين بشكل مثير للتعجب والحيرة !

ونحن الآن في ننتظر نتائج الانتخابات العراقية الحالية والتي تبدوا لنا أن هذه الانتخابات هي من ستعبر عن رغبة واتجاه الشعب العراقي الحقيقية وذلك بخلاف الانتخابات السابقة التي قاطعها تيار عراقي كبير لعدم قناعته بقيام مثل تلك الانتخابات في ظل وجود الدولة تحت الاحتلال العسكري المباشر ، ورغم أنه لم يتغير شيء منذ تلك السنين وحتى الآن ، إلا أن القناعات تحولت بوصلتها ، وأن الغيرة على هذا البلد يجب أن لا تتوقف فقط بالمقاومة المسلحة وترك البلاد في أيادي تبيع الغالي والرخيص للإيرانيين مجانا وبدون أية مقابل ، فهنالك تيار وأن بدا لنا هو الآخر متماهيا مع الاحتلال إلا أنه يقف بمسافة أكثر بعدا عن الإيرانيين سيدخل المعادلة السياسية القادمة وسيكون رقم صعب و على من ينوب عن الفرس أن يستعدوا للتعامل معهم كوجهة نظر أخرى قد تسبب لهم الكثير من الم الصداع .

بطبيعة الحال وكقانون دولي ومعرفة تاريخية بأن أي عمل سياسي يقوم تحت الاحتلال العسكري المباشر من قبل قوى أجنبية هو عمل سيراعي مصالح هذا الاحتلال قبل مصالح بلده ، كون هذا الاحتلال هو القادر عن تنصيب وعزل من يشاء كما أنه هو القوة الفعلية على أرض الواقع ويستطيع أن يعطل أو يدعم أي عمل ، والاحتلال دائما يقدم مصالحه حتى وأن كانت على حساب مصالح الدولة الواقعة تحت هيمنته العسكرية ، وأنه دائما يبحث عن وجوه بملامح وطنيه لتقوم بمثل هذه الأعمال ، ولا يوجد طريقة أفضل من إقامة انتخابات بين حلفائه وإقصاء كل من يشك بعدم انتماءه له حتى وأن كان قادما معهم على نفس الدبابة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علمانيون من اجل الجنوب

مفاتيح سيكولوجية الفرد الشمالي بيد علي عبدالله صالح

خرافات جنسية