الوحدة اليمنية تحتاج الي التضحيات.

 
كنت في صنعاء بعد الوحدة مباشرة، وكنت اودي الخدمة العسكرية في الأمن المركزي والتي بعدها تم نقلي الي قسم شرطة البليلي في الصافية، حيث ان مقر الحزب الإشتراكي اليمني كان يقع ضمن النطاق الإداري التابع لنا، وكنا دائما ما نباشر هنالك وبشكل متتالي في تلك الفترة نظرا لكثرة اطلاق الرصاص على المقر والتفجيرات التي كانت تحدث بجواره، كان واضحا لدينا بان هذا الحزب مستهدف من اجل إرعابه وإيصال رسالة اليه بأنه غير ...مرغوب فيه .

كان الضباط الكبار في القسم ومن ضمنهم ضابط في قسم البحث الجنائي لا يخفون نقمتهم على الجنوبيين، وكان دائما ما يبشر باقي العسكر بان الفرج قريب وان عليهم فقط ان يصبروا وان يستعدوا .
كان هنالك ضابط صف كبير في السن ، كان يبلغ قمة غضبة اذا شاهد في التلفاز شخص جنوبي يعزف على العود، يقول نحن اهل العود ولم يبقى إلا العدنيين ليأتوا ويعلموننا طريقة عزفه ....كانت النظرة المتعالية والحقودة بارزة حولي بشكل مخيف ومرعب ، كان الكل ينظر الي الجنوبيين بأنهم منحلون أخلاقيا وفاسدون وانه لا غيرة لديهم لأن نسائهم يعملن في الجيش والشرطة والفن.

كننت استمع لمأمور القسم وكيف تخلص من نائبه الجنوبي ، ليأتي عوضا عنه نائب شمالي انتهى بهم المطاف بالمشاجرة بالأيادي لأجل الختم الرسمي ومن يجب ان يأخذه معه بعد انتهاء الدوام لإستغلاله بشكل شخصي .

في الانتخابات البرلمانية ، منحت صوتي لأمرأة اشتراكية كانت ضمن دائرتنا ، واخفيت الأمر بعد ان استشفيت غضب الضباط مني لو عرفوا بذلك وادعيت انني منحت صوتي للبعث .
كنت اجزم ان الحرب قائمة لا محالة ، وكانت نوايا الشماليين واضحة بان إتفاقيات الوحدة لم تعد ضرورية وان الوقت قد حان للإستيلاء على الأرض بدون الشعب وتقاسم الثروة فيما بينهم .
لم اكمل دراستي الجامعية في تلك الفترة ، كل شيء كان متوتر ، كان الزخم العنصري بلغ ذروته عندما بدأ رجال الدين من فوق المنابر بالتحريض علينا علانية وبدون أي مواربة ....عدت إلى السعودية وتابعت حرب 94 من التلفاز وشاهدت الشماليين وقد اكتسحوا عدن ونهبوا الطاولات والكراسي والمكيفات وكرات الأطفال التي كانت بالشوارع ، شاهدت كل ذلك محاولا ان احبس دمعة كادت ان تفرط من عيني ...متمتما بان الوحدة تريد التضحيات ، اليس كذلك !!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزنداني، إنه كاهن الخراب

تساؤلات

خرافات جنسية