المغول في صنعاء




للـحـب فــوق رمالـهـا طـلـل مـن حولهـا نبـكـي ونحتـفـل
نقشته كف الشوق فـي دمنـا وطوتـه فـي أعماقنـا المـقـل
هـو حلمنـا البـاقـي ومعبـدنـا وصلاتـنـا والـحـب والـغـزل

 

كان الدكتور عبد العزيز المقالح من أكثر الشعراء تيتما بصنعاء، وهو من جعل منها قصيدة حب ومعبد وغزل، والمقالح في هذه المواضع يعبر عن حال كل من عرف صنعاء وشاهد جدائلها وتجول في تخوم روابيها، فصنعاء مدينة بها الكثير من الحب، تستطيع ان تشعر بذلك بمجرد ان تضع قدميك على تخومها، لذا ما كان لها أن تدنس بهذه الصورة وأن يغزوها مغول العصر بكل هذا العنف، ما كان لأنصار الله أن يدخلوها بكل ما يحملوه من كراهية تاريخية ويمارسوا بداخلها هتك لكل القيم النبيلة والإنسانية المتبقية بها.

صنعاء مدينة بداخلها كل المتناقضات ، وهي معتادة على إحتواء الشيء ونقيضه، إنها واحة متسعة تقبل الكل وتأنف اللون الواحد والبرقع الواحد والقصيدة الواحدة والحزب الواحدة، لكن هذه القيم أكثر جمالا من أن يفهمها رجال قادمون من خلف أتربة التاريخ رافعين لشعارات تحرض على الموت علانية وتدعي انها وبشكل حصري تمتلك الحق السماوي، القيم التي في رحم صنعاء عصية على فهم أنصار الله وعلى مسيرتهم القرآنية.

الان هم يلوثون كل جميل بها، إنهم وبصورة مماثلة كالمغول عندما يدخلوا المدن غازين، يبدأو مباشرة بالبحث عن كل جميل وأدبي وثقافي ليحرقوه أو ليلقوه في النهر، وأنصار الله الان قد أحتلوا المدارس ليمنعوا ابناؤنا من التعلم، يلاحقون صالات الأفراح ليمنعوا الموسيقى، يطوقون دور السينما ويبدأو بتخريبها، وأنفسهم تراودهم بشأن النساء اللواتي يقدن السيارات وهنالك اشاعات سرت بقيام بعض اللجان الشعبية بتوجيه إنذار للنساء بمنعهن من القيادة مرة أخرى، أنهم باختصار كارثة وحلت على العاصمة.

لا ريب أن صنعاء سقطت، وانه لا توجد دولة في اليمن، وان المؤسسات الحكومية كلها خالية من موظفيها، وان الحوثي حاليا يمارس دور الحاكم الفعلي لها، وهو من يدير اقسام الشرطة ويطرح نفسه بديلا عن السلطة القضائية عن طريق أحكامه القبلية التي آتى بها من جبال مران، الان صنعاء تمر بحالة تشويهية عميقة وتكاد ان تكون جذرية ان ترك الأمر لهم يعيثون بها كما يشاؤون.

الجميع يشعر بخوف شديد وتوجس كبير، والجميع يرى أن خطر الحوثي لا يكمن بهذه التشوهات التي يحدثها في صنعاء حاليا _ رغم أهميتها _ ولكنه يكمن في ألا مشروع الذي يحمله، ان الحوثي وانصاره مجرد ميليشيات قبلية مسلحة وخاوية من أي فكر أو هدف ، أنه يتوسع في كل الاتجاهات بحكم القوة المفرطة التي يمتلكها مقابل تشتت وتمزق الأطراف الأخرى، الحوثي وكل ما يمتلكه من فكر هي مجرد مجموعة من  الملازم الورقية توزع على أنصاره على أساس أنها منتهى الإبداع وأنها تفسر كل ما يحدث حولهم وفي العالم، إنها و بنظرهم شيء مقدس ومدهش في نفس الوقت، لذا تخلف انصار الحوثي وجهلهم  ناجم عن التجهيل الذي مورس معهم إضافة إلى  الفقر الثقافي الناجم عن بيئة قاسية التضاريس خارجة عن التنمية والتمدن لعهود طويلة خلت.

بقاء هادي على الرئاسة يشبه القناع الذي يستر به واقع مفجع ، وبقاء أحزاب اللقاء المشترك مشاركين في دولة واقعة تحت حكم مليشيا مسلحة ليس بغريب عليها، فهي شاركت قبلها في اسوء جريمة ضد هذا الشعب عندما قبلت المساومة على الثورة الشعبية ومنحت النظام السابق حصانة كي يعيد نفسه من جديد من خلال الحوثي وإرهابه .

الان اما ان يعلن رسميا بان صنعاء مدينة محتلة من أنصار الله وانهم يمارسون بربرية تجاهها ، أو ان تخرج هذه المليشيات فورا من العاصمة لنصدق كلام هادي بانها لم تسقط بعد، اما ان يتم توقيع إتفاق سلام معهم ونرى الحوثي ينتشر كالسرطان في كل مكان وزاوية من العاصمة، فهذا أمر غير مفهوم ابدا ولا يدل إلا على أنهم لا يرغبون بالمغادرة وانه مكوثهم قد يطول على جنباتها ليحولوا هذه المدينة إلى اطلال وخراب.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزنداني، إنه كاهن الخراب

تساؤلات

خرافات جنسية