خمسة وعشرون فصيلا جنوبيا يتحد...هنا الفضيحة.
بعد أن أطلعت على البيان الصادر من خمسة وعشرين فصيل من الحراك
الجنوبي والمتضمن توحدهم تحت مجلس سياسي موحد، تبين لي بأن قراءتي لأسماء
الفصائل الموقعة أسفل البيان أستغرق ضعف الوقت الذي قضيته في قراءة البيان
الأساسي مما يطرح سؤالا عن مدى جدوى تلك
الفصائل وما هو الداعي لها في ظل ثورة شعبية وليس عمل سياسي داخل دولة قائمة، علما
بأنه هنالك تيارات أخرى رفضت الانضمام والمشاركة بهذا التنسيق لتبقي الباب مواربا
أمام انقسامات أكثر وتشتت أعمق.
كنت أعرف انه هنالك مشكلة في داخل الحراك الجنوبي، وأن تلك المشكلة
تكمن في عدم رغبتهم في التوحد تحت مظلة سياسية واحدة ، أما سبب عدم الرغبة في ذلك،
فهذا أمر مجهول ولا احد يعرفه، هم هكذا قابلون بهذا الوضع منذ عام 2007م وحتى
اليوم، وهم الان قرروا أن يفعلوا ذلك ولكن بطريقة حراكية مميزة، فبعضهم توحد وبعضهم
بقي خارج الفكرة ورافضا لها بل وهاجمها وألمح إلى
أنها لا تعمل من أجل تحرير الجنوب واستقلاله، إنه الشيء المعتاد من التخوين
والتخوين المضاد.
التنوع هو لب العمل السياسي وهو نقيض الاستبداد والديكتاتورية، لكن
هذا التنوع ينبغي أن يكون تحت مظلة الدولة المبنية على دستور ليبرالي صريح ونظام
ديمقراطي ومؤسسات حقيقية تدير البلاد، أما في هذا الوقت الذي نحن بأمس الحاجة الي
التوحد ومخاطبة العالم بلغة واحدة وجبهة مركزية ، فأن التفرقة والتشتت ليس بصالح
الشعب أو القضية برمتها، فالعالم لا يلتفت الينا وإلى دولتنا المحتلة لعدم وجود
كيان واحد ممكن أن يتواصلوا معه، وخاصة أنه سبق وأعلنتها أكثر من سفارة غربية و عربية بأنه
لا يوجد كيان واحد للحراك الجنوبي يمكن الجلوس معه، ولمحت لأكثر من مرة بضرورة
تشكيل جبهة واحدة تقود الحراك وعن طريقها تدخل مرحلة التفاوض مع الجهات المعنية من
أجل تحرير الجنوب، فكل شيء واضح بالنسبة للعالم إلا عدم وجود كيان موحد.
هل أنتهى الأمر بعد توحد تلك الفصائل تحت مجلس سياسي واحد، و هل اصبح الأمر
الان مقبولا، طبعا لا ، فمازالت هنالك تيارات أخرى ، ومازال هنالك تيار مهم جدا
ولا يمكن تجاهله وهو تيار البيض الذي يشكل ثقل كبير داخل الحراك الجنوبي والذي وفي
نفس الوقته يتهمه الكثيرون بالسلبية تجاه أي عمل وحدوي داخل الصف الواحد، فالبيض
لم ينتظر كثيرا أمام تشكيل ذلك المجلس وعوضا عن التواصل معه والاندماج بداخله قام
بتشكيل مكتب عمليات طوارئ ليتواصل مع دول الجوار دون تحفظ وذلك لعرض أمر القضية
الجنوبية وإمكانية استعادتها كدولة لها كيانها واعتبارها الإقليمي والدولي حسب ما
ورد في بيان مكتبه و الذي يبدوا لنا واضحا أنه جاء كردة فعل أمام تلك الفصائل التي
أعلنت توحدها، فصار الأمر أشبه بالسباق الغير بريء ابدا.
الان لدى العالم مجلس سياسي تنسيقي يضم خمسة وعشرون فصيلا، ولدينا
مكتب طوارئ آخر لا علاقة له بالأول، ولدينا فصائل جنوبية تعمل على حده، وهذا حدث استجابة لدعوات التوحد والتنسيق فيما بين القوى
الجنوبية، الأمر الذي يجعل الجميع يتفق على الفشل السياسي والعقم الفكري والثقافي
الذي لديهم ، إنهم وبكل سهولة حالات ميؤوس منها ومن مقدرتها على العمل ضمن إطار
وطني واحد، أنهم اشخاص لا يحملون المعايير في حدها الأدنى أمام الشعب الذي يبدوا
متوفقا عليهم بمراحل، وإذا كان هذا حالهم الان، فالأمر مخيف جدا عندما نفكر بكيف
سيكون وضعهم بعد التحرير وإقامة الدولة المنتظرة.
تعليقات
إرسال تعليق
بإمكانك كتابة ما تشاء، لك مطلق الحرية ، فقط حاول ان تعبر بطريقة جميلة .