داعش داخل جامعة عدن


يروي أحد الطلبة في جامعة عدن بأنه تم سحب بطاقته الشخصية من قِبل عميد الكلية بسبب أنه كان يتحدث مع إحدى زميلاته، وان هذا التصرف مخالف لأنظمة الجامعة، مما يستدعي معاقبة الشاب على هذا التصرف الخادش.

حديث الطالب مع زميلته في مكان عام ومكتظ  وفي صرح علمي ومدني، رآه عميد تلك الكلية ودكتور الشريعة في نفس الوقت أمر خطير وكبير، وذلك بسبب عشعشة فراخ الرذيلة والشك بعقليته الأكاديمية التي اسقطها على كل شيء حوله، فكل ما يحدث أمامه من أحاديث بين الطلبة وضحكات الشباب وأصوات الطالبات هي أمورا ذات شبهات أخلاقية مالم يثبت العكس، وهذه بالمناسبة ليست تجني على ذلك الوعي الانغلاقي، بل هي  عقيدة من صميم عقائدهم، إذ ان كل شيء يحدث أمامهم هو امر ذو شبهة يجب إيقافه ومنعه وهو مقدم على جلب المصالح، إنها العقلية التي تعتبر توطئة لقدوم ما هو اعظم وأكثر تشددا مثل تنظيم داعش مثلا .

هل ابالغ، بالتأكيد لا أفعل، فلو تصورنا مثلا أن أحد مندوبي داعش ذهب إلى ذلك العميد، وأخبره بأن كليته كلها شبهات وأعمال منافية للشريعة الإسلامية والتي منها الاختلاط بين الطلبة والطالبات وحديثهم مع من لا يعتبرون محارم لهم وان كليته لا تقام بها الصلاة وأن بعض الفتيات لا يغطين وجوههن ، فماذا تتوقعوا ردة فعل العميد، هل سيقوم بطردهم مباشرة بحجة عدم وجود سلطة قانونية او دستورية او نظامية لهم، ام سيرحب بوجودهم وبنصائحهم وسينظر لها من منظور إيجابي، لا تفكروا كثيرا بالإجابة، فداعش الان توزع منشورات على الطلبة لتحذرهم من أية مخالفات شرعية ومن حرمة الاختلاط، وانها ستنفذ اشد العقوبات بالمخالفين كما توعدت كل من سيبلغ عن عملها وعن وجودها بالعقاب الشرعي و الصارم، ولنا ان نتصور كيف يكون عقابها.

ما أردت قوله، هو ان هذه التنظيمات المتشددة والإرهابية، ما كان لها أن تجد موقع   قدم مالم تتحصل أولا على الأرضية التي تقبلها، فلو كان المجتمع محصن ضدها، لتم رفضها وإقصائها دون ان يسمح لها ان تتسلل إلى الثغرات المجتمعية وتفرض عنفها على الجميع، لكن وبوجود حاضنة فكرية وثقافية لدى البعض لهذا الفكر، فهي ولا شك ستجد مساحة كافية لتمارس عبثها على الجميع دون رادع من أحد.

حسنا، أنكر الكثيرون وجود داعش، وعلقوا امر هذه المنظمة على شماعة المخلوع، وأدعى البعض بأنه وبمجرد القضاء على تمرد علي صالح وميليشياته الأسرية ستنتهي تلقائيا تلك المنظمات التكفيرية من أمثال داعش وأنصار الشريعة، وهذا التبرير والتبسيط  لخطر بهذا الحجم أمر غريب وغير مفهوم، فسواء كانت تلك الجماعات تتلقى دعم من المخلوع ام لا ، فهذا لا يقلل ابدا من خطورتها وفكرها المتزمت وعنفها الشديد تجاه كل من يخالفها، تلك الجماعات قد تتلقى دعم من اية جهة سياسية كانت ولكن هذا الدعم مشروط  بتطبيق الشريعة حسب رؤيتها هي  وإشهار الخلافة والدولة الإسلامية، فأن توقف الدعم فهي ولا شك لن تخلوا من إيجاد مصادر أخرى لها.

داعش والقاعدة موجودان في الجنوب، وتحكمان محافظة ضخمة مثل حضرموت، وهي الان في قلب عدن وبداخل مؤسساتها التعليمية والأكاديمية، وهي تفرض وجودها عبر موظفين رسميين وبشكل علني في تلك المؤسسات، وتصريح محافظ عدن بعدم وجودها هو امر لا معنى له امام كل تلك الوقائع المحسوسة التي يشاهدها الجميع.
ان لم نتكاتف جميعا ونوحد أنفسنا عبر مقاومة هذا المد البشع والدخيل على قيم ومفاهيم أهل عدن خاصة واهل الجنوب عامة وذلك عبر الكتابة الإعلامية عنها وفضح زيف ادعاءاتها وعبر الوسائل القانونية والأمنية والتعليمية، فأننا ولا شك سنضيع وسندخل في متاهة مشابهة لتلك التي تحدث  في  العراق وسوريا وليبيا.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علمانيون من اجل الجنوب

مفاتيح سيكولوجية الفرد الشمالي بيد علي عبدالله صالح

خرافات جنسية